وتمضي الحياة .....
.....هذا الصباح استيقظت نجلاء الرابعة صباحا, قامت المسكينة من خدرها مذعورة رات كابوسا مخيفا ,نفثت عن يسارها ثلاث مرات وتعوذت من الشيطان الرجيم . وقبل ان تقوم من مضجعها تذكرت وصايا امها وامانيها بالامس حين كانت تداعب ظفائرها باناملها وتمسح جبينها المتصبب عرقا .
قالت الام ;بنبرة حنون اتعرفين امنتي يا ابنتي.
اجابت نجلاء نعم اماه ما الخطب ,استحلفك بالله يا ابنتي ان تتزوجي فليس من العدل في كل مرة ترفضين من يتقدم اليك راغبا فيك وانت تتعذرين باعذار واهية ,الى متى التمنع والرفض والعمر يجري والسنوات كالايام وكما قال ( اوايلنا _ رد العمايم يورث الندايم ).
شردت نجلاء بفكرها تذكرت انها عاشت دور الامومة بكل طقوسها وعمرها لا يتجاوز الحادية عشرة سنة , فكانت اما حنون لاخوتها (فضلي واخيها النعمة والعالية ). رسمت على محياها بسمة خفية تذكرت ان العالية باحت لها يوما انها كانت تظنها اما لهم والام هي الجدة .تعلقت نجلاء باخوتها كثيرا خاصة العالية كانت اخر العنقود وهي فتاة نجيبة وسامية الفكر وكل الاساتذة ينوهون بمستواها المعرفي ,كل هذا يجعل نجلاء تفخر باخوتها وتحلم ان يحققوا احلامها التي لم تفلح في تحقيقها .
فنجلاء غادرت مقاعد الدراسة وهي في سنتها الاولى جامعة لظروف قاهرة لمدة اعوام خلت .وتهمس في خاطرها (قدر الله وماشاء فعل).
ولو ان نجلاء تزوجت منذ زمن لانجبت ابنا او ابنة في عمري اختها العالية ,....قطعت الام شروذ ابنتها قائلة مارايك في ما قلت يا ابنتي, اجابت نجلاء يفعل الله خيرا يا امي .
استرسلت نجلاء في الحديث قائلة لو تزوجت لكنت الان وحدك وليس هناك من يتكفل بك واخوتي كلهم يدرسون, اجابت الام بنبرة حادة :يكفيك مراوغة يا نجلاء معي الله عالم بحالي ثم معي اخوتك وابيك لن يبخلوا شيئا في اعانتي . ارجوك تزوجي اريد ان افرح بك قبل ان اموت.
.....كانت الام تدرك في قرار نفسها تمام الادراك ان نجلاء متقلبة المزاج رغم طيبتها وحنانها اصبحت تنفر من فكرة الزواج او من الرجال عموما ,وتفضل الوحدة والانزواء رغم انها بطبعها اجتماعية وتحب الاختلاط بالناس, لكن الوحدة اصبحت شعارها فغالبا تراها تجول في الشارع متابطة حقيبتها تحت ابطها منحنية الراس, كمن ضاعت له وديعة في الطرقات .
استئذنت نجلاء من والدتها بعد عودتهما من المستشفى بان تزور والدها الحافظ , هذا الاخير انهكه الزمن ووهن عظمه وشاخت معالمه.
قالت نجلاء:سازور يا امي والدي لن اتاخر ساعة من الزمن واكون معك باذن الله .
كان الحافظ يسكن في ضواحي المدينة الصغيرة استاجرت سيارة اجرة وعند وصولها طرقت الباب معلنة بان هناك زائر, فالقت التحية_ السلام عليكم_ ودخلت الى بهو البيت اقتربت من اخوتها ,عانقوها بحرارة وبشوق لان نجلاء بطيبتها احبها الجميع فترى حبها يشع من عيناها السوداوين.
فبعضهم يناديها _ بالدردوحة _ والبعض الاخر يقول _ الخصيصة _ كل هذه المسميات تسعد نجلاء رغم انها تدرك ان خلفيات بعضهم في التسمية تنم عن مكر وخديعة في زمن لم تعد برائتها لها دور ومكانة .
.. اقتربت نجلاء من ابيها الحافظ منحنية على راسه لتقبله , فتوجس منها الحذر قائلا من انت مخافة الا تكون من المحارم ( وتوكلو النار كما قال).
ضحكت نجلاء واجابته انا نجلاء ابنة الحافظ ابن محمد سالم الا تعرفني , عانقها الاب وابتسم ( هذي منتي اصل مرحبا حوزي الاه ظوكي شي وشكيفك وشكيف والدتك يكانها تعفات وشكيف بوك حمادي...).
..كان حمادي زوج ام نجلاء كان خيرة الرجال بطيبته وشيمه ترعرعت نجلاء على يده فكان الاب والاخ والصديق ولم يجرحها يوما بكلمة .
وجمعته بوالدها الحافظ علاقة حب في الله ومودة وفي كل مرة يردف الاب _ يامنتي الي يخاف من مولانا يتقي فيك الله ....)
يتبع