المنحوس

رفع يده الى السماء متضرعا : ” اللهم أبرد مصيفنا ، وسجّر شمس خريفنا ” . عجب من دعائه . حدجه بنظرة مريبة . لاذ بالصمت . فهم من جهامة وجهه شيئا من جهالة. تمتم بصوت مسموع : إذا اشتد حر الخريف ، تحلبت أفواه السماء ، وهطلت الأمطار مدرارا وتفجرت الأرض أنهارا.
تبوءوا من المحلة مكانا سنيا . أنعامهم سائمة في السهب تقظم ما أبقاه الجدب من عشب. تنطعت عنيزات .نفشت في دالية نضج تينها . جاء مولى صاحبها نافشا عفريته . راغ الى العنيزات يضربهن . أصاب إحداهن بعصا غليظة. انكسرت رجلها التي أوهن الهزال عظمها.
هش عليه بالعصا . هرب .جرى في عقبه . أمسك بمخنقه عند حافة الجرف. تعاركا . وكزه. انزلقت رجلاه . تدحرج . خر صريعا .
سرى الخبر . هدّأ شيخ المحلة النفوس الغضبى . ألزم أخاه بالدية . حاول التبرم من الأداء عسى ان يلزم الشيخ العاقلة بالاستهام . قال : لقد أثقل كاهلي هذا الكَلّ القاتل . كسر سن فلان يوم كذا ، فدفعت عنه الدية . أضرم النار جهلا في نخل بني فلان ، فنحرت لهم ناقتي بعد أن قطعوا منها العرقوب . .. إنه منحوس منكوس … سترون إذا طلع علينا الآن أني لم اشطط في القول . لبثوا فترة يتداولون و يتشاورون . أبصروه قادما من بعيد. التمس محفظة نقود أحدهم . وضعها في طريقه . عجب الناس من صنيعه . ابتلعوا ألسنتهم ، و أعينهم على المحفظة . اقترب .وضع يديه على عينيه كأنما يريد فركهما . صاح بأعلى صوته : كم ستعطوني إذا أتيتكم مغمض العينين؟