الصحراء تتكلم فليصرخ هذا العالم قليلا..
تكلمتم بما فيه الكفاية
و هي الصغيرة تهرب من كثرة الألسن و شدة الصراخ
لنستمع إليها قليلاً بالنسبة
لما يقال و ما تريده الأرض كأم لنا حقا
تركتكم تتكلمون عبثا تنتظر من يستمع لتشد الرحال إليه .. مستغيثة بمستغيثين في أول صيحة تتمكن من سماعها
عن عذر واحد يصنع لها سببا يربطها
بتاريخها الموغل في فوضى التجاهل و اللا مبالاة
لكنّها كَانت تصاب بخيبة أمل في كل مرة، وكل محاولات تقدمها
كانت تصطدم بِحلم الاهتمام و حسن المعاملة بين المعانات و التمني..
إنا الكثيب الملتحم بصوتها حتى أصبحت حفيف برقة الرياح
كانت تهمس في أذني بوشوشات روحانيّة حتى
تخيّلتها صوت المنادي ينادي وأنا المُشفى حديثا من الصمم الذي بكى
لشذى صوتها، أتى شذوها ليحرك دواخلي الركدة التي
كادت أن تُصبح بحيرة ثلجية يلطمها الصقيع فتتجمد أكثر و أكثر
في غفلة من أمري جاء صوتها..
ليخرجني من صمت رهيب... فليخرص هذا العالم حين تهمس صحرائي
لنكن أقرب إلى الفرص التي تتيح لكلامنا أن يكبر أكثر من الفرص
التي تتيح لصمتنا أن يكبر فيضعفنا ..
لقد ترددت كثيرا قبل أن أقرر الكتابة، حتى صار للتردد "خربشات" أخرى لم أدري ما اسميها، ولكن بالتأكيد هي نوع من التعبير، ولا أستطيع أن اسميها مقال أو شعر، ولكني أستطيع أن أقول أنها رسائل مني و من الصحراء و يمكن أن تكون من أي احد اخر.. رسائل إلى كل أحد إلى اللا أحد .. رسائل سوف أسرد فيها ما يقال و ما لا يقال .. هكذا تعلقت بالأسباب دون مدبر منذ تعلمت حروف الهجاء لأن أمي نقشت اسمي يوم حفظت جزئا من القرآن تحت ظل خيمة عانقت ركائزها السماء ...فاختلطت روحي بسمو الهذيان وحب الكرام و بلاغة الكلم..
من سنوات و نيف حل مساء جميل...
كنت ألعب بحروفي وأرتبها مرة...و مرة تغيب أفكاري إلى صحرائي حيث تضيع تعابيري بين أفراحي و أتراحي...
أمسك بلحية أبي البيضاء و أكتب بقلمي على كل شعرة حروف تاريخه و على جبهته سطور و أسارير من التحرير والماضي الجميل...
دليلي بفطرة البدوي عقلي و ليس قلبي ! نظرت إلى رمال وطني فألفت قصيدة حب بكل قوافيها بل أضفت إليها ألوان من المذاق و العطر و العبق...غمرتني ابتسامة عريضة و حررت بوصلتي في كل الاتجاهات لعلي اعرف ماذا يريد !
يا ربي ...هل هناك وسيلة ترحل بي عبر السنين إليه...أشتاق حقا إلى أبي لأخبره بأني أدركت الرسالة و أن العيش معها عمرا كاملا في حدود إرادتي أضفى عليها "دراعة" مزركشة كل لحظة أرتديها....
كنت أقتفي أسارير وجهه لأحلل ألغاز هذا الأثر و أصل بين البين و الأهداف ... فمنها ما قادني إلى فيافي ممتلئة بالألم ... و منها ما انتهيت منه بأقل تفكير ...و منها ما ورثت عنه صبر و شجاعة و إقدام على أمور لا تضاهى بأي ثمن...
الآن....
أدركت المصير ... الخربشات طريقة للتعبير و المساكين و ما يسطرون...
حب وطني و إن تاه بين السنين يظل شمسا.... أشعتها لا غيوم دونها .... ولكني سأترك للضياء أشعة بكل قلب يمربه...و أرصعه بأبجدية لا تعرف حروف النسيان أو الغياب.... تحت عنوان "خربشة على الرمال"
الأربعاء 6 أغسطس - 22:16
