نعم ،هذا أعرابي في ثوب عصري

لمحته مرتديا بذلة أنيقة وربطة عنق براقة ، تفرست فيما تبقى من تضاريس وجهه القديم ذي الطول البين . تذكرته فتى دقيق الحافةرقيق العود قد نبتت شعيرات على ذقنه ، أكُولٌ للزيت والشاي المنعنع ,,, حزرته بنظرة خلسة ثم أطرقت ، نظر الي بشيء من التجاهل البادي على محياه الذي بدت عليه آثار النعمة .قلت في نفسي :كأنه هو ، وإن صح الخرْص فقد تغير حاله . بدا كبير العارضين ، منتفخ الأوداج ، أما شعيرات اللحية فقد كثفت وهذبت كأنما مر عليها مشط كهربائي . تعمدت أن أمر أمامه ، وجها لوجه ، تقابلت الأعين ، أشاح بوجهه وأعرض متشاغلا بكلام مع رجل واقف جنب كتفه . عدت من حيث أتيت ، جلست منصتا لخطيب مفوه لا يتلعثم في الخطابة بلغة موليير . جالت في نفسي ذكرياتي يوم كنت تلميذا طيعا لجماعة المرشد , كانوايقرؤون علينا بعض استجواباته مع الأجانب كي نستبين ذلاقته و طلاقته في الكلام بالفرنسية ، ثم لا يلبث أحدهم إلا قليلا حتى يحدثنا عن براعته في العبرية و الالمانيةوألسن أعجمية أخرى ، لم يكن بعد للامازيغية شأن كبير حتى تضاف الى سجله الحافل ،وقفزت الى ذهني مصاحبتي في المنزل – والصحبة شرط موجب للنصيحة – لصاحبي الذي رآني ثم اعرض عني ، لم يكن يكف عن وعظي للسمو عن سمات أعرابيتي ، فقلت في نفسي : لماذا اعرض عني حين رمت القاء السلام عليه ،لمَ لم يهش ولم يبش في وجهي كما كان يصنع وهو يقول : " أنت متثاقل متكاسل ،ولكنك ذكي " ، أنسي وصية الشيخ :" ابتسم في وجه أخيك ...." ، دارت في رأسي حينها فكرة لعينة : مذ خلعت الخرقة و ربقة " الجماعة" لم أعد استحق لقب : "الأخ " ، طردت الفكرة اللعينة ثم اتجهت نحوه من جديد : " ادار وجهه مرةأخرى " ، فاستشطت غضبا ، وقلت في نفسي : لعن الله أياما خدعنا فيها مثلك بأطايب الكلام .... ستبقى أعرايبا فظا ، وإن جلست على التخت ، فالأعرابية داء في القلب .... و الأعراب أشد .........

الفاضل "بوزيد الغلى" هذه ضريبة العصرنة والرقي، سمة التكبر دخيلة على الأعراب لكنها أضحت لغة العصر،
ليس غريب ما جرى فالمثل العامي يحذر من المشتاق ... نص رائع شكلا ومضمونا 
مودتي التي لا تشيخ 
تحية و باقة ورد

قصة جميلة ومُعبّرة، توافرت فيها كل عناصر القص القصير ووحدتها من وحدة شخوص وزمكان وحدث، وهي عميقة من حيث رسالتها التي أفهم منها أن التحزب والتّجمع الطائفي والمذهبي والعرقي لم يكن يوما سوى غطاء لمصالح ضيقة، لا تخدم المصلحة العامة ولا تساهم في التشكيل الفيفسائي للأمّة بقدر ما تخرقة وتعيقه.
يحتاج النص إلى بعض التنظيم المظهري خصوصا ما يتعلق بعلامات ترقيمه.

شكرا لطرحك الجميق والعميق د. بوزيد.